الاثنين، 9 مايو 2011

||ღ *♥*الحــب فــي حيـاة الانسـان *♥ ღ || صوت العقل أم صوت العاطفة ؟!

بسم الله الرحمن الرحيمـ
اللهم صلٍّ على محمد وآل محمد



 الحب في حياة الانسان


الإنسان المفكر، والمتعقل فلا يعني أنه لا يملك عاطفة؛ غاية ما في الأمر أن عقله يسبق عاطفته، وصوت العقل عنده يعلو على صوت العاطفة.

إذا جئنا الآن إلى التعامل مع كثير من الأشياء، فمرة نعقلن مشاعرنا، أي: أن تحب شخصية عالـِم, أو تحب شخصاً كريماً, أو شجاعاً, ومرة تحب شخصاً يرفضه عقلك، لكنه أسـَرَكَ عاطفياً، هذه عاطفة غير طبيعية.

العاطفة التي تصطدم مع العقل، هي عاطفة لا محتوى فيها، وليس لها قيمة؛ إذ إن الحالة العاطفية يجب أن تتحرك في إطار العقل، وان تكون هادفة، أي: أن تتحرك المشاعر بطريقة انطلقت من فكرة، وتحركت، واستهدفت الوصول إلى نتيجة محددة, هذه هي العاطفة المطلوبة، وهي صفة أساسية في الشخصية، ولا يمكن للإنسان أن يتجرد عنها.

عندما يتجرد عن العاطفة، يتحول إلى جماد، وكذا الحال بالنسبة للحيوان؛ فهو يملك عاطفة أيضاً!! وبطريقة أو أخرى أيضاً عنده عاطفة باتجاه مفرداته، وما يـُنجب من حيوانات أخرى له عاطفة, فالإنسان عندما يتجرد من عاطفته يتجرد من إنسانيته، فلا نستطيع أن نتصور إنساناً بلا عاطفة.

الكونفوشيوسية، على ما لها من شأن، ووزن نوعي ثقيل تغمر العالم، و(كونفوشيوس)، الرجل في ذلك الوقت، كان يـُعتقـَد أنه خال ٍ من العاطفة؛ لأنه عندما مات ابنه لم يبك ِعليه، لكني أرى أن هذا الرجل عندما مات أحد طلابه بكى عليه بكاءً مـُراً، حتى إنه قال كلمة غريبة, قال بهذه الطريقة:
لقد تآمرتْ علي َّ السماء.
قالها مرتين، فلا يمكن أن تتصور إنساناً بلا عاطفة،
 لاحظ الآن الزاد العاطفي في البيوت..... الناس لو اعتادت أن تعوّض النقص، حتى إذا كانت في حالة فقر مادي، ويجب أن يتغلب على فقرها بالتكسّب الإمام علي (عليه السلام) يقول:
(لو كان الفقر رجلا لقتلته).
و(كاد الفقر أن يكون كفراً).
لكن من هنا، إلى أن تنتقل إلى إنسان متمكن وغني، عوِّض هذا الفقر المادي بالغنى العاطفي، وبالعطاء العاطفي, بالكلمة الطيبة, فالإنسان حين ينطلق إلى الآخرين بكلمة طيبة، يستطيع أن يعوِّض حالة الشحة التي يعيشها، سواء كانت بالدخل، أو بالأسرة، وحتى بالتعامل مع الآخرين،
 فالكلمة الطيبة تـُنسيهم الحالة التي هم فيها؛ ولذلك أوصى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):
(إن قول الرجل لزوجته إني أحبك لن تفارق قلبها أبداً).

فعندما نضع الإنسان على جادة العاطفة الصحيحة التي (عـُقـلـِنـَتْ)، أي: أن العقل يسبق العاطفة, فالبنت عندما تختار لنفسها خطيباً، فإن عقلها سيقول لها هذا غير صحيح, وعاطفتها تكبّلها، هذه شخصية عاطفية مرفوضة.
لكن البنت، عندما تعطي العقل حصة كافية من التفكير، وتـُحـَكـِّم العقل على العاطفة، وتختار بمقاسات عقلية صحيحة، في ذلك الوقت تأتي العاطفة منساقة وراء العقل السليم.
العقل يقول هذا رجل سيء، وكذلك الرجل يتعلق بامرأة وهي ليست بالمستوى المطلوب، لاحظ أنه سيعيش صراعاً بداخله فعقله غير مقتنع، لكنه بالقوة يخدع نفسه، وعاطفته تشلّ حركته فهناك فرق بين (عقلنة العاطفة، وشهونة العقل، أي: أن الشهوة والعاطفة تتحكمان بالعقل).

الدين كله حب، وقد جاء في الحديث الشريف عن أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام):
(وهل الدين إلا ّ الحب).
فهو الحب، لذلك عندما نحب، يجب أن نخبر الآخرين بأننا نحبهم... عندما يحب الإنسان في الله، فهذا أوثق عـُرى الإيمان، هذا الحب مرتبط بفكرة كما قلت، وينطلق لتحقيق هدف معين، وليس أن تحب ولا تعلم لماذا تحب, وتبكي ولا تعلم لماذا تبكي, وتفرح ولا تعلم لماذا تفرح.

سـُئل أحد أئمة أهل البيت (عليهم السلام) قيل له: كيف أعرف... يا ابن رسول الله، أن في َّ خيراً، وأن الله يحبني؟ قال (عليه السلام):
(انظر إلى قلبك إذا كنتَ تحب أهل طاعة الله، وتبغض أهل معصيته ففيكَ خير والله يحبك، وإذا كنتَ تحب أهل معصية الله، وتكره أهل طاعته ففيكَ شر والله يبغضك والمرء وما يحب).

الحب ليس عملية غزل في شعر تجريدي، ولا مسألة توصيف لأمور لا واقِعَ لها, من يحب حقيقة يحب عن وعي وإدراك، وعندما تسأله: لماذا تحب؟ يجبيك بكل صراحة أحب بناءً على هذه الحيثيات، وعندما تسأله: لماذا تكره؟ يقول لك: أكره بناءً على هذه الحيثيات.
تجذير الحب في القلب، هو تأصيل لمفهوم حياتي أساسي بالشخصية، فالإنسان يحب، ويستحي أن يقول، إنه يحب، بل العيب أنك لا تحب، ولكن حتى لا تكون حياتك حياة عاطفية تجريدية، لا تجعل من الحب يعصف بك بموارد يـُفترَض فيك أن تحكِّم العقل، وتتخذ من العقل منطلقاً، وأساساً بضبط العاطفة، ويكبح جماحها.

قد ترتفع العاطفة في بعض الأحيان، وقد تنخفض عند الإنسان الاعتيادي، وهذا ما يسمى في علم النفس الحديث ((advance psychology  نسميه (diurnal changes) تغييرات يوميةنقول بضرورة عقلنة المشاعر، وضبط زمام الحب، بالشكل الذي يمشي بطريقة مفاهيمية صحيحة، حتى يكون أساساً إلى جانب العقل في تصميم حياة الإنسان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(أتمنى  أن يروق لكم كما راق لي )

المصدر: كتاب الحب في حياة الانسان للجعفري : http://www.al-jaffaary.net/index.php?aa=library&id=1

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق